الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة
.اصطدام الفارسين: وقال الشافعي: على كل واحد منهما نصف دية صاحبه، لأن كل واحد منهما مات من فعل نفسه وفعل صاحبه. .ضمان صاحب الدابة: وقال مالك، والليث، والاوزاعي: لا يضمن إذا لم يكن من جهة راكبها، أو قائدها، أو سائقها، بسبب من همز، أو ضرب، فلو كان ثمة سبب، كأن حملها أحدهم على شيء فأتلفته، لزمه حكم المتلف. فإن كان جناية مضمونة بالقصاص، وكان الحمل عمدا، كان فيه القصاص، لأن الدابة في هذه الحال كالآلة. وإن كان الحمل من غير قصد، كانت فيه الدية على العاقلة، وإن كان المتلف مالا كانت الغرامة في مال الجاني. وقال أبو حنيفة: إذا رمحت دابة إنسان - وهو راكبها - إنسانا آخر، فإن كان الرمح برجلها فهو هدر، وإن كانت نفحته بيدها، فهو ضامن، لأنه يملك تصريفها من الإمام، ولا يملك منها ما ورائها. وقال: وإذا ساق دابة، فوقع السرج أو اللجام أو أي شيء مما يحمل عليها، فأصاب إنسانا، ضمن السائق ما أصاب من ذلك. ولو انفلتت دابة فأصابت مالا، أو آدميا، ليلا أو نهارا، فإنه لا ضمان على صاحبها، لأنه غير متعمد. ومن ركب دابة فضربها رجل أو نخسها، فنفحت إنسانا، أو ضربته بيدها، أو نفرت فصدمته فقتلته ضمن الناخس دون الراكب. وإن نفحت الناخس كان دمه هدرا، لأنه هو المتسبب. فإن ألقت الراكب فقتلته كانت ديته على عاقلة الناخس. وإذا بالت الدابة أو راثت في الطريق وهي تسير فعطب به إنسان لم يضمن، وكذا إذا أوقفها لذلك. .ضمان القائد والراكب والسائق: فقد قضى عمر، رضي الله عنه، بالدية على الذي أجرى فرسه فوطئ آخر. ويرى أهل الظاهر أنه لا ضمان على واحد من هؤلاء، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «جرح العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس». وما استدل به الظاهرية محمول على ما إذا لم يكن للدابة راكب، ولا سائق، ولا قائد فإنه لا ضمان على ما أتلفته في هذه الحال بالاجماع. .الدابة الموقوفة: فعن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من وقف دابة في سبيل من سبل المسلمين، أو في سوق من أسواقهم، فأوطأت بيد أو رجل فهو ضامن» رواه الدارقطني. وقال الشافعي: إن أوقفها بحيث ينبغي له أن يوقفها لم يضمن، وإن لم يوقفها بحيث ينبغي له أن يوقفها ضمن. .ضمان ما أتلفته المواشي من الزروع والثمار وغيرها: هذا إذا لم يكن معها مالكها، وإن كان معها فعليه ضمان ما أتلفته، سواء كان راكبها أو سائقها، أو قائدها، أو كانت واقفة عنده، وسواء أتلفت بيدها أو رجلها أو فمها. واستدلوا لمذهبهم هذا، بما رواه مالك، عن ابن شهاب عن حرام بن سعيد بن المحيصة: أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدت فيه، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها. قال أبو عمر بن عبد البر: وهذا الحديث وإن كان مرسلا فهو حديث مشهور، أرسله الائمة، وحدث به الثقات، واستعمله فقهاء الحجاز، وتلقوه بالقبول، وجرى في المدينة العمل به. وحسبك باستعمال أهل المدينة وسائر أهل الحجاز لهذا الحديث. ويرى سحنون - من المالكية - أن هذا الحديث، إنما جاز في أمثال المدينة التي هي حيطان محدقة. وأما البلاد التي هي زروع متصلة، غير محظرة، وبساتين كذلك، فيضمن أرباب النعم ما أفسدت من ليل أو نهار. وذهبت الأحناف: إلى أنه إذا لم يكن معها مالكها فلا ضمان عليه، ليلا كان أو نهارا، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «جرح العجماء جبار». فالأحناف يقيسون جميع أعمالها على جرحها. وإن كان معها مالكها: فإن كان يسوقها فعليه ضمان ما أتلفت بكل حال، وإن كان قائدها أو راكبها فعليه ضمان ما أتلفت بفمها أو يدها، ولا يجب ضمان ما أتلفت برجلها. وأجاب الجمهور، بأن الحديث الذي استدل به الأحناف عام، خصصه حديث البراء، هذا فيما يتصل بالزروع والثمار، أما غيرها فقد قال ابن قدامة في المغني: وإن أتلفت البهيمة غير الزرع، لم يضمن مالكها ما أتلفته، ليلا كان أو نهارا، ما لم تكن يده عليها. وحكي عن شريح: أنه قضى - في شاة وقعت في غزل حائط ليلا - بالضمان على صاحبها. وقرأ شريح: إذ نفشت فيه غنم القوم. قال: والنفش لا يكون إلا بالليل. وعن الثوري: يضمن وإن كان نهارا، لأنه مفرط بإرسالها. ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «العجماء جرحها جبار» متفق عليه، أي هدر. وأما الآية فإن النفش هو الرعي ليلا، وكان هذا في الحرث الذي تفسده البهائم طبعا بالرعي وتدعوها نفسها إلى أكله بخلاف غيره، فلا يصح قياس غيره عليه. انتهى. .ضمان ما أتلفته الطيور: ويرى البعض الآخر: أن فيها الضمان، فمن أطلقها، فأتلفت شيئا، ضمنه. وكذلك، إن كان له طير جارح، كالصقر، والبازي، فأفسد طيور الناس وحيواناتهم، ضمن. وهذا الرأي هو الصحيح. .ضمان ما أصابه الكلب أو الهر: إلا أن يدخل إنسان داره بغير إذنه، فلاضمان فيه، لأنه متعد بالدخول متسبب بعدوانه، إلى عقر الكلب له، وإن دخل بإذن المالك فعليه ضمانه، لأنه تسبب في إتلافه، وإن أتلف الكلب بغير العقر، مثل: أو ولغ في إناء إنسان، أو بال، لم يضمنه مقتنيه: لأن هذا لا يختص به الكلب العقور. قال القاضي: وإن اقتنى سنورا، يأكل أفراخ الناس ضمن ما أتلفه، كما يضمن ما يتلفه الكلب العقور، ولافرق بين الليل والنهار، وإن لم يكن له عادة بذلك لم يضمن صاحبه جنايته، كالكلب إذا لم يكن عقورا. ولو أن الكلب العقور أو السنور حصل عند إنسان من غير اقتنائه ولا اختياره، فأفسد لم يضمنه، لأنه يحصل الاتلاف بسببه. .ما يقتل من الحيوان وما لا يقتل: وهو: الغراب، والحدأة، والفأرة، والحية، والعقرب، والكلب العقور، والوزغ. ويلحق بها ما أشبهها في الضرر، مثل: الزنبور المؤذي، والنمر، والفهد والاسد، فإنها تقتل ولو لم يصل واحد منها. قالت عائشة رضي الله عنها: «أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل خمسة فواسق في الحل والحرم: الغراب، والحدأة والعقرب، والفأر، والكلب العقور» رواه البخاري ومسلم. وفي الصحيحين من حديث أم شريك، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الاوزاغ وسماه فويسقة. وإذا قتلت فإنه لا ضمان في قتلها، ولاقتل غيرها من السباع والحشرات، وإن تأهلت بالاجماع، إلا الهر فتضمن قيمته، إلا إذا وقع منه اعتداء. ولا يقتل الهدهد، ولا النملة، ولا النحلة، ولا الخطاف، ولا الصرد، ولا الضفدع، إذ لا ضرر فيها. وقد روي النسائي، عن ابن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ما من إنسان يقتل عصفورا، فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله يوم القيامة عنها، قيل يا رسول الله: وما حقها؟ قال: يذبحها ويأكلها، ولا يقطع رأسها ويرمي بها». وإذا قتلها فعليه أن يتوب إلى الله، ولا ضمان عليه. وعن ابن عباس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أربعة من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد. .ما لا ضمان فيه: ومن أمثلة ذلك: .1- سقوط أسنان العاض: روى البخاري ومسلم، عن عمران بن حصين، أن رجلا عض يد رجل، فنزع يده من فمه فسقطت ثنيتاه، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «يعض أحدكم يد أخيه كما يعض الفحل..لادية لك». وقال مالك: يضمن، والحديث حجة عليه.
|